من طريق اللاشعور فإن العين تتوجه إلى ناحية محددة تجذبها من كامل أي منظر تقع عليه في العادة ، هذا أمر نلمسه من تجاربنا وملاحظاتنا ، بما معناه أن انتباه العين وبالتالي : الانطباع المتحصل من الصورة المشاهدة سيتوجه إلى جزء معين تلقائيا وبشكل غير مدروس ، ولكن في ذات الوقت فإن المخرج أو المصور أو الفنان (خالق العمل الفني) لا بد له أن يكون صاحب رؤية وبعد نظر ، وعليه أن يبتكر لقطات لما يريد بالفعل أن يهتم به المتلقي .
الإطار أو كادر الشاشة السينمائية أو الصغيرة هو الذي سيحوي في ضمنه هذه الأهداف التي يحددها الخالق الفني ، وهو بالتالي اللقطة المختارة والصورة التي يجب أن تحوي عناصر جمالية أخّاذة ، وجميعها في النهاية تفهمنا تلك الأهمية وذلك الإبداع في فن الصورة حيث نعيش في عصر الصورة واللغة البصرية التي يبقى لها المساحة الكبرى في تشكيل الوعي المعاصر ، وهي فلسفة السينما ووسائل الاتصال المرئية بأنواعها .بالمفهوم التكنيكي ، فإن التكوين هو :
تجميع عناصر الصورة في علاقة متآلفة داخل إطار ، وبالتكوين المدروس فإنني أهدف إلى تحقيق أغراض محددة تتلخص في كلمتين : أن أقنع وأن أمتع
وإذا كان تجوال البصر العفوي ينبهنا إلى أجزاء بعينها من تشكيلة المشاهد التي تقع عليه أعيننا ، فإن على المخرج أو المصور أن يقدم لقطات جذّابة ذات مغزى تستأثر باهتمام المشاهدين ، وتتحكم في مشاعرهم وتركز انتباههم على المنظور أمامهم وما يحيط به .
وحتى يكون المخرج منفذا وخالقا للعمل الفني بما تعنيه هذه الكلمة ، فمن المهم أن يمتلك الرؤية والهدفية حتى وإن كانت الغاية فنية محضة ، حيث الفن للفن - حسب ميلي – فهي في خاتمة المطاف ليست عفوية وكل لقطة وانتقالة لغيرها ذات لمسة ودلالة في بطن القائم الحكيم على العمل الفني ومن هنا فالعناية الزائدة بالتكوين الذي هو وسيلة لربط الأفكار وانسيابيتها يخدم الفكرة ومراكز الجذب التي أريد كمخرج أن ينتبه إليها المتلقي وراء ذلك الانتباه العفوي .
فمثلا إن عين المشاهدين عادة تنجذب إلى أكثر مناطق الصورة نصوعا في إضاءتها ، وتلك الثرية بألوانها ولذلك حري بمنفذ العمل أن يتنبه لهذه الخاصية أثناء تكوين لقطاته ، فالإضاءة التي أوردناها كمثال ضمن الفكرة الكاملة تلعب دورا رئيسيا في تحقيق السيادة لموضوع ما يريد الفنان أن يلفت عين المتفرج إليه .
وعن زوايا الكاميرا كمثال أيضا أثناء تكوين اللقطة في العمل السينمائي أو التلفزيوني فإن تصوير المنظر من زوايا معينة يفرض على الصورة طابعا أو موقفا انفعاليا أو أسلوبا معينا .
وهكذا يلعب المخرج حيث يقود عملية الخلق الفني في هذا النوع من الفنون على وجهة نظرنا كمتلقين ومشاهدين بطرق حاذقة لأن جل همه أن يوصل تفسيره الفني أو الفكري أحيانا الذي تشكل لديه أو أنه يؤمن به
[center]